حكايات

 

عباس بن فرناس أول الحالمين

الحلم بالطيران

.الإنسان يحلم بالأجنحة منذ آلاف السنين

الرياض: سعيد الدوسري

§ أطفالنا الآن يطيرون بسبب أفلام الكارتون

§ بين العبقرية والجنون يسكن الحالمون بالطيران

 

منذ نعومة أظفار التاريخ التي «مخشّنا بها تمخيشا» يا صاحبي والبشر يحلمون بالطيران، ونحن لا نعرف منهم إلا عباس بن فرناس وشهرته «صافقة الطابلون» لأنه عربي، ونعتقد أنه مجنون مع أنه كان من أفضل علماء عصره في ذلك الوقت.

هذه أسطورة إغريقية قديمة تشبه إلى حد كبير قصة جزاء المهندس سنمار البنّاء المعروف الذي بنى قصر «الخورنق» بناء على طلب من الملك النعمان.
 
تدور أحداث الأسطورة حول شخص اسمه دايدالوس وكان بناء ماهرًا، فطلب منه أحد الملوك أن يبني له بناء على شكل متاهة لا يمكن الخروج منها ليضع بداخلها وحشًا نصفه إنسان ونصفه ثور، وبعد أن انتهى دايدالوس من البناء غضب منه الملك فسجنه هو وابنه إيكاروس، ولكن على مين تلعبها؟
 
فقد استطاع دايدالوس أن يصنع أجنحة من الشمع والريش له ولابنه ليطيرا بها، وبالفعل طارا- كما تروي الأسطورة- وخرجا من السجن، ولكن الابن الغبي واصل الطيران قال إيش؟ قال عاوز يتسلى.. بالرغم من تحذيرات والده له، ثم ارتفع حتى اقترب من الشمس فذاب الشمع «الله يكافي» وسقط الابن في البحر وغرق، أما الأب فوصل إلى قواعده سالمًا غانمًا!!
 

ماذا نستفيد من هذه الأسطورة؟

نستفيد أن الإنسان كان يحلم بالطيران منذ آلاف السنين، وأنه حقق هذا الحلم بعد صبر وتعب.
 
ونستفيد، أيضًا، أنه يجب علينا الاهتمام بأدوات السلامة في الطائرة وخصوصًا.. اللاستيك أو طوق النجاة من الغرق، لكن مع الأسف هناك بعض الأشخاص يحملونه معهم عند نزولهم من الرحلة هدية لأطفالهم!!
 
ذكرت قبل قليل أن الإنسان كان يحلم بالطيران باستخدام الأجنحة، وبعدها انتقل حلمه إلى الطيران بوساطة آلة أثقل من الهواء، حتى نجح الأخوان رايت في ذلك. ولكن للعلم، فقط، فقد سبقت محاولتهما هذه محاولات من أشخاص مغمورين لم يكتب لهم الشهرة والنجاح، وبفضل هؤلاء الرواد تحلق الآن أكبر طائرة في التاريخ وهي طائرة الأيرباص إيه 380 التي تتسع لـ 455 راكبًا وهم بكامل أمتعتهم في راحة تامة.
 
ولكن أن يحاول شخص ما الطيران دون أجنحة أو أجهزة فهذا من أغرب ما رأيت!!
 
والقصة باختصار أن أحد زملائنا على مقاعد الابتدائية كان مغرمًا بالمسلسل الكرتوني المدبلج «جريندايزر» ولأن بداخل كل منا طفلاً كبيرًا فلا بد أنك ما زلت تذكر أن بطل المسلسل «دايسكي» كان يقفز ثم يتحول إلى « دوق فليد» وهذا بالضبط هو ما أراد أن يقوم به زميلنا العبقري الذي قفز من فوق سطح منزلهم ليهوي على الأرض ويبقى في المستشفى عدة أيام يعاني كسورًا مضاعفة في العظام بسبب محاولة طيران فاشلة!!
 
هل كان زميلنا ،أحتفظ باسمه، عبقريًا أم مجنونًا؟ وهل نحن نحتفي بالعباقرة الرواد ونخلد ذكراهم أم نقتلهم وهم أحياء؟ لا أدري!
 
أنا شخصيًا خلدت ذكرى زميلي هذا، وما زلت أشيد به أمام الجميع واصفًا إياه بالعبقرية التي لا يفصل بينها وبين الجنون سوى شعرة أدق من شعرة معاوية!
 
بقي أن أعترف لك بشيء لأنام مرتاح الضمير، فقد خطر ببالي أن أقفز مثل صاحبنا، خصوصًا –واستر ما واجهت- أنني كنت حينها معجبًا بـ«هيكارو» الفتاة الكرتونية «الطخما» التي في المسلسل، ولكني ترددت، لأني لم أعثر على إجابة لسؤال كان يلح في ذهني. والسؤال هو: حين أقفز وأتحول بالطبع إلى دوق فليد « الله لا يعوق بشر» فأين سأجد جريندايزر لأركب فيه، و«أدق سلف» وأحارب وحوش فيغا «واخلي اللي ما يشتري يتفرج عليهم»؟
 
شفت الذكاء؟ هذي العبقرية والا بلاش!